جيهان السادات
عندما جرى اطلاق النار كانت جيهان السادات ، واحفادها في غرفة خاصة تطل على ارض العرض ، ومحجوزة عن المنصة الرئيسية بزجاج حاجز ..
رأت جيهان السادات ماحدث خطوة بخطوة ..
طابور المدفعية ..اسراب الطائرات ..نزول الاسلامبولي من العربية ..الانقضاض على زوجها ..القنابل التي انفجرت ..الرصاص الذي دوى ..وزوجها وهو يقع على الارض ..
كانت تتمتع بهدوء الاعصاب ..حتى انها لم تغضب الا عندما وصلت المشاهد الدرامية امامها الى ذروتها ..وسقط زوجها مضرجا بدمائه ..
لحظتها ..
ولحظتها فقط ..
قالت جيهان السادات لسكرتيرتها :
مدام صادق ..دول مجانين ؟؟؟
وعندما راحت فايدة كامل المطربة والمحامية ، وعضو مجلس الشعب ، وزوجة وزير الداخلية (النبوي اسماعيل) تصرخ وتولول ، نهرتها جيهان السادات وهي في حالة ذهول ..وقال لها :
- اسكتي ..لو متننا فلنمت بشرف !
سكتت فايدة كامل لحظة ..
ثم ..
صرخت :
- محمد ..محمد ..هاتوا لي محمد ..ياخرابي يامحمد..
وكان محمد هو ( محمد النبوي اسماعيل ) ، زوجها ، الذي نجح في الهرب من مكان الحادث في سيارة ظابط ملازم اول ، ولم يظهر الا بعد ان اكتشف ان الحادث لم يسفر عن انقلاب ..
واندفعت جيهان السادات الى باب الغرفة لتحاول الوصول الى زوجها ..لكن احد الحراس ، منعها من ذلك بشدة ، وامسك بذراعها ، والقى بها على الارض من اجل سلامتها ..
* * ** * *عملية الـ40 ثانية ...
استغرقت العملية 40 ثانية..
اي اقل من دقيقة ..
اقل من دقيقة من لحظة نزول الاسلامبولي الى لحظة انسحابه هو والاخرين .. كانت كل ثانية من هذه الثواني بالنسبة للجالسين في المنصة ..دهرا ..كانت كل ثانية هي الموت بعينه حتى بالنسبة للذين نجوا بعمرهم ..وبقوا على قيد الحياة ..
كان مشهد المنصة فريدا من نوعه ..
قتلى جرحى ..فوضى ..دماء..كراسي مقلوبه ..نياشين بعيدة عن اصحابها ..كتل متناثرة من اللحم البشري ..ذعر ..خوف ..انين ..ذهول ..ارتباك ..حيرة ..ومفاجأه شلت الجميع ..وصدمة عنيفة كانوا في حاجة لبعض الوقت لكي يفيق الاحياء والجرحى منها ..
فيما بعد ثبت من التحقيقات التي اجرتها النيابة العسكرية والمحكمة ان عطل ( الموتوسيكل ) الذي وقع قبل وقوف عربة خالد الاسلامبولي وهيأ الاذهان لاحتمال عطلها هي الاخرى ، ليس له اي علاقه بحادث الاغتيال .
كذلك ثبت من التحقيقات ان سائق السيارة لاعلاقة له بالجناة ولا بخطتهم ..
كذلك ثبت ان السادات طلب من القناص الذي كان يجلس على مقعد اسفل المنصة الرئيسية ان يترك مكانه ويصعد الى خلف المنصة..
قال الجندي :
- لقد قال لي الرئيس ارجع الى الخلف يمكن ( عبود الزمر ) يجي من ورا !!!
كذلك ثبت ان السادات لفظ انفاسه الاخيرة قبل ان يحملوه خارج المنطقه
بجانب القتلى ..جرح 28 شخصية شخصية اخرى كان على راسهم وزير الدفاع ابو غزالة ..وكانت اصابته سطحية..واللواء محمد نبيه رئيس هيئة التدريب بالقوات المسلحة ..وكلود رويل سفير بلجيكا ..وشبيب بن تيمور وزير الدولة العماني وعدد من الظباط المصريين والامريكيين ..
وفيما بعد اتضح ان من بين المصابين يعض الظباط الامريكيين والكوريين ممن كانوا يساهمون في حماية الرئيس انور السادات ..فقد ظهر ان السادات كان قد كون جماعة خاصة من عناصر امريكية ، وكورية (كوريا الجنوبية ) وصينية ( الصين الوطنية ) لحراسته ..
هذا ماحدث يوم الاغتيال
هذا ماحدث في اسوأ يوم يحمل رقم 6 في عمر وتاريخ ومشوار السادات
* * *الطائرة التي أقلت الرئيس السادات الى المستشفى * * *الخبر تصدر الصحف المصرية * * *الصحف العالمية تناقلت الخبر وعلى الصفحات الاولى * * *صحيفة الميدان تجاوزت كل الحدود ونشرت صورة للسادات في المشرحة* * *
خالد الاسلامبولي
س:اسمك وسنك ووظيفتك
ج : خالد احمد شوقي الاسلامبولي ، 24 سنه ، ملازم اول بالقوات المسلحة
س: ماهي المهام التي اتفقتم عليها سواء بالنسبة لك او بالنسبة لمن كانوا معك
ج: انا ارمي قنبلة يدوية بمجرد نزولي من العربية ، والثانية وراها على طول ، وعبد الحميد يضرب واحدة من العربية والرابعة للدفاع كانت مع عبد الحميد ، ثم يتقدم عبد الحميد وعطا من جهة اليمين بالنسبة لنا وانا في المنتصف وحسين في الشمال
س: والقنبلة الرابعة ؟
ج : كانت مع عبد الحميد للدفاع
س: كيف اوقفت العربية ؟
ج: بعد تهديد السائق وقفت على الفور .
س: وبماذا هددته ؟
ج: الرشاش كان على رجلي وهددته به .
س: ولكنه يعلم انه ليس به ذخيرة؟
ج: اول ماقلت له اوقف ..وقف على طول
س: هل كان يعلم ان به ذخيرة؟
ج: لا
س: وما صلتك بالسائق ؟
ج: هو من سريتي
س: هل كنت متفقا معه ؟
ج: لا
س: هل شددت فرامل اليد ؟
ج: لا.. وكنت ناوي اشدها اذا لم يقف
س: من الذي حمل الرشاش امام المنصة الرئيسية ؟
ج:كان الرشاش على حجري والقنبلة اليدوية في يدي فارتبك السائق ووقف.
س:وكيف تم تبديل الخزنة الفارغة بالخزنة المعمرة ؟
ج: بمنطقة الانتظار وكانوا بينظفوا عادي وهو كان تحتي فانا حطيت دي مكان دي
س: هل ارسلت السائق لاحضار ماكولات اوغير ذلك ؟
ج: نعم ..ارسلته لاحضار سندوتشين ولم آكلهما .
س: ولماذا ؟
ج: لانه سبق لي ان تناولت الافطار .
س:فلم ارسلته اذن ؟
ج: حتى لايجلس في الكابينة الاساعة بدء التحرك ، وحتى لايكتشف ان الرشاش به ذخيرة وانا كنت باحاول ( ازيحه) من العربة حتى ينزل
س: الم تفض اليه بشئ؟
ج: لا ..طبعا
* * *
عبد الحميد عبد العال
س : اسمك وسنك ووظيفتك ؟
ج: عبد الحميد عبد العال ، 28 سنه ، ضابط سابق بالدفاع الجوي ، واعمل حاليا ، اعمال حرة
س:من الذي حدد مهام التنفيذ ؟
ج: لم يتم الاتفاق بيننا على خطة معينة للتنفيذ وانما جرى التنسيق عند التنفيذ حسب الموقف
س: كيف حصل خالد على الرشاش ؟
ج: هذا الرشاش خاص بالسائق ولا اعرف كيف حصل عليه خالد ويسأل في ذلك
س: هل كنت تمارس رياضة بدنية ؟
ج: نعم
س :ماطولك ؟
ج : 178 سم
س : عندما واجهت المنصة من المنتصف ، كيف تمكنت من اطلاق النار على السيد الرئيس ؟
ج : رفعت البندقية في اتجاه السادات والماسورة مائلة لاسفل 20 درجة
* * *
عطا طايل
س: اسمك وسنك ووظيفتك
ج : عطا طايل حميده رحيل ، 26 سنه ، ملازم اول مهندس ، احتياط
س : ماذا حدث يوم العرض ؟
ج : يوم العرض الصبح طلعنا خالد معاه ضمن الطقم في العربية ، وكانت العربية قاطرة المدفع 130 مم وكانت العربة التي تسير يمين القول بالنسبة للمنصةوكان تسليح الطاقم بنادق آليه .
وكانت بنادقنا فقط بها ذخيرة ، واللي جاب الذخيرة خالد ، وبعدين رحنا راكبين في العربية ، وفي فترة الانتظار اعطى خالد لعبد الحميد قنبلتين يدويتين ،وعبد الحميد أخذ وحدة واعطاني وحدة ..وحينما وقفت السيارة امام المنصة حسب الاتفاق بيننا قام حسين باطلاق النار من العربة في اتجاه المنصة وعبد الحميد وانا القينا القنبلتين اليدويتين ..وانا الذي بدأت ، وانا القيت القنبلة مسافة بسيطة بحيث لم تصل الى المنصة ، وسقطت انا في ارض العربية ..وقمت وجدت كل الجنود او معظمهم نزلوا من العربية فنزلت وسقطت تحت عجلات المدفع الذي بدأ التحرك ، والبندقية مرمية بجانبي ، فقمت من تحت عجلات السيارة الى المنصة ، ولم ارى المقصود ( السادات ) ووجدت الصف الاول عبارة عن كراسي فارغة ، وانا وصلت في النهاية ، وانا اطلقت النار على الكراسي في الصف الامامي وانا اطلقت مالا يتعدى عشر طلقات واصبت من شخص كان في حوالي الكرسي الخامس من المنصة ولم ارض ضربه بالرغم من انه كان في مرمى يدي وسقطت على الارض من اصابتي ..ونقلت الى المستشفى
س : من كان آمركم في هذه العملية ؟
ج : خالد
س: وهل كنت تنوي قتل رئيس الجمهورية ؟
ج : نعم
س : وهل كنت تنوي قتل غيره ؟
ج : النبوي اسماعيل
س : حدد دور كل واحد منكم في التنفيذ حسب الخطة المتفق عليها ؟
ج : التخطيط المتفق عليه كان انه لما توقف العربية يقوم حسين باطلاق الرصاص وانا وعبد الحميد نرمي القنابل وخالد يطلق الرصاص بعد ماينزل من العربية ونهاجم المنصة جميعا حسب الفرص المتاحة
س : ومالذي تم فعلا تنفيذه لهذا التخطيط ؟
ج : ماتقدم بعينه
س : الم تكونوا تخشون من اكتشاف الذخائر والقنابل ؟
ج : بلى
* * *
في الثامنة تقريبا ، بينما كان الجنود ماضين في اعمال النظافة للمدافع والعربات ، اعطى خالد لعبد الحميد قنبلتين يدويتين ، احتفظ عبد الحميد بواحدة ، واعطى الثانية للمتهم عطا طايل ، كما خبأ خالد القنبلتين الاخريين في تابلوه العربه ، وفي نفس الوقت قام بتغيير الرشاش الخاص بالسائق بخزنة اخرى مملوئة بالذخيرة ووضع الخزانة الفارغة تحت الكرسي ..ولقد حدث كل ذلك في غيبةالسائق الذي ارسله خالد لشراء ( سندوتشات ) كما قام خالد باعادة ترتيب جلوس افراد طاقم العربية ..فاجلس عبد الحميد خلفه مباشرة في صندوق العربة وظهره للمنصة ، كما اجلس حسين عباس في آخر صندوق العربة في نفس الصف الذي يجلس فيه عبد الحميد وظهره للمنصة كذلك ..بينما اجلس عطا طايل في مواجهة عبد الحميد ووجهه للمنصة .
وكانت الخطة التي وضعها خالد لتنفيذ عملية الاغتيال هي ان يجذب فرامل اليد عند اقتراب العربة من المنصة ولكن حدث اختلال في المسافات بين العربات فهدأت العربية من سيرها للحفاظ على الفرامل ، وهنا تمكن خالد من اكراه السائق على التوقف امام المنصة الرئيسية بتهديده باطلاق النار عليه ان لم يمتثل لامره فاوقف السائق العربه واسرع خالد بالنزول منها والقى بقنبله ، تبعه عطا طايل بقنبلة اخرى سقطت على بعد خمسة عشر مترا تقريبا ، كما القى عبد الحميد بقنبلة ثالثة سقطت قرب المنصة ، اما القنبلة الرابعة فقد عثر عليها داخل المنصة الرئيسية سليمة ، لم تنفجر ، وتبع القاء القنابل مباشرة اطلاق النيرانمن صندوق العربة ، فاحدث ذلك ارباكا شديدا للجالسين بالمنصة ، ومفاجأة غير متوقعة للقائمين على حراسة الرئيس ..وفي ثوان كان المتهم الاول خالد قد اختطف الرشاش القصير من كابينة العربة وقفز الجناة الثلاثة الاخرون من صندوق العربة واتجهوا صوب المنصة الرئيسية وامكنهم تصويب اسلحتهم واطلاق النيران على الجالسين في المنصة سواءا بالمواجهة المباشرة القريبة او من الجانبين مع التركيز على الموجودين بالصفوف الاولى ..
وسقط الرئيس الراحل مضرجا بدمائه ، ولفظ انفاسه الاخيرة متاثرا بجراحه ، كما سقط سبعة آخرون قتلى ، واصيب ثمانية وعشرون ايضا باصابات مختلفة ممن كانوا بالمنصة وحولها ..
ولما ادوا مهمتهم الاثمة انسحبوا يجرون عشوائيا في اتجاه حي رابعة العدوية تطاردهم عناصر الامن المختلفة وتمكنوا من القبض على المتهمين الاول والثاني والثالث بعد اصابتهم باصابات مختلفة ، كما امكن للمخابرات الحربية التوصل الى معرفة المتهم الرابع ، والقاء القبض عليه فجر الجمعة 9-10-1981
* * *المتهمون في قضية اغتيال السادات في قفص الاتهام * * *